مثَّل انتقال آلاف الأفراد من مختلف الجنسيات للقتال ضد النظام الحاكم في سوريا، بدعم سياسي ولوجستي وعسكري ومالي من دول غربية وعربية؛ ظاهرة جديدة في عالمنا المعاصر الذي يعيش على إيقاع العولمة التي اكتسحت كل تفاصيل الحياة الإنسانية منذ الألفية الثالثة. وإن كان الإرهاب في غير المجال السياسي هو ظاهرة عالمية قديمة نسبيًّا من حيث الانتشار والممارسة.
غير أن ظاهرة الإرهاب ببُعدَيْها الديني والسياسي تبدو ظاهرة حديثة اتسع نطاقها ومجالها بعد انخراط الشباب المسلم في مواجهة الوجود السوفييتي في أفغانستان (بدايةً من سنة 1979) على خلفية شعار الجهاد ضد “الكفار” ليتطور ويأخذ أبعادًا أخرى في البوسنة والهرسك وفي الشيشان، وصولاً إلى العملية الإرهابية التي استهدفت برجَيْ مركز التجارة العالمي بمنهاتن ومقر وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاجون) ثم في العراق.
أما ظاهرة الانتقال للجهاد في سوريا، التي انطلقت منذ أواسط سنة 2011، فتبدو معقدة ومتداخلة في طبيعتها وأهدافها وفي الأطراف الداعمة والمورطة في تأجيجها، وفي حجم الأجانب المقاتلين، سواء منهم العرب الحاملون لجنسية الدول العربية، أو العرب الحاملون لجنسيات أجنبية، أو غيرهم من الأقوام .
وقد شكَّل اندفاع عدد ضخم من التونسيين، بعد الثورة، للقتال في سوريا، وما تواتر عن شراستهم في القتال؛ ظاهرةً بدأت غريبةً ومحيّرةً عند قطاعات واسعة من التونسيين وغيرهم. فما الحجم “الحقيقي” للمقاتلين التونسيين في سوريا؟ وما عوامل اندفاع تلك الأعداد الضخمة من الشباب التونسي للقتال في سوريا؟ وما أبرز المواصفات العامة لعينات من المقاتلين والمعتقلين؟
نقلا عن المركز الاقليمي